عفوا أنا لا أتكلم
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمت الله وبركاته
في احد الاسواق وفي زحمة المتسوقين كان ذالك الشاب في كامل قوتة يتجول بين المحلات, فمن محل إلي اخر كأن له هدف يريد أن يصل إليه .. يدخل المحل بضع دقائق ثم يخرج منه وإلي المحل المجاور وهو يحمل بيده حقيبة.. ما إن تقترب منه حتى تلفت نظرك تلك الورقة الصقيرة التي علقها علي صدرة ( عفوا أنا لا أتكلم ) فما سر هذه الوروقة وماذ يحمل بيده ولماذ يتجول بهذه الطريقة.. كان طفلا وديعا في كامل صحته درس في المدارس كما يدرس غيره ولما بلغ السنه السادسة الابتدائية ابتلاه الله بمرض في حباله الصوتية وبدا صوته يضعف تدريجيا حتي بح فلم يعد يقوى علي الكلام.. وهكذا صار عاش الطفل بقية ايامه بلا لسان يتحدث به ومع الوقت بدا اصدقاؤه يتضايقون منه حيث اصبح وضعه سلبيا في جلساتهم.. يسمع ولايشاركهم في الحديث يضحك ولايشاطرهم الطرائف فاستثقلوه وأحس بذالك.. فهجرهم كبر الطفل وأصبح يبحث عن الأماكن التي لا يحتاج فيها إلي الكلام فوجد في حضور الدروس العلمية والمحاضرات التربوية متنفسا جميلا فأكثر من ذلك وبدا يتأثر بما يطرح من أهمية خدمة الإسلام والدعوة إلي الله فلم يحقر نفسه ولم يقل أنا معذور بل ساهم في خدمة دينه بما يناسب ظروفه.. فاقتطع من راتبه اليسير الذي كان يأخذه جراء عمله طابعا علي جهاز الكمبيوتر قدرا شهريا وخصصه لشراء الأشرطة الدعوية والكتيبات التربوية وبدأ يتجول في الأسواق وعلي باعة المحلات وكلما أبصر مخالفه أو منكرا أختار الشريط المناسب لذالك فأهداه لصاحب أوا حاجة المخالفة بابتسامة جميله تدل علي حبه الإسلام وأشار إلي الورقة المعلقة علي صدره (عفوا أنا لا أتكلم ) ثم يخرج وهكذا بشكل أسبوعي.. أنا لا أدري مما أعجب هل من جلده في الدعوة إلي الله أم من نظرته الإيجابية للحياة مع ما أصابه من ابتلاء.. سأله أحدهم بعدما تابع تحركاته الدعوية.. هل وجدت مردودا أو نتيجة؟ فكتب إليه الشاب: نعم دخلت محلا فإذا هو مليء بالمنكرات فنصحت البائع من خلال شريط أعطيته له قيمته ريالان ثم خرجت وعدت إلي للمحل بعد أشهر وقد نسيت دخولي عليه في المرة الأولى.. ما أن دخلت حتى استقبلني البائع بوجه بشوش وعانقني وأخذ يقبل رأسي.. اندهشت وأشرت إليه من أنت لعلك تريد غيري؟ قال لي: بل أريدك أنت .. ألست الذي أهديتنا هذا الشريط؟! وأخرجه من جيبه كتبت, فقلت له: نعم هذا أنا قال: يأخي نحن ثمانية لم نكن نعرف من الإسلام إلا اسمه.. كل المنكرات كانت عندنا .. وبعد أن أتمنعنا إلي شريطك بعد فضل الله ومنه دلنا إلي طريق الله الذي كنا نجهله فهجرنا ما نحن فيه واحسنا العلاقة مع الله, فجزاك الله عنا خير الجزاء.. وهل بعد هذا يجد الصحيح المتعلم عذرا في تقاعسه عن خدمه الإسلام؟؟!!
تحياتي
منقول للأمانة